جودة التعليم:

فى ظل التطور والتحديث المستمرين على جميع مجالات الحياة الإنسانية وظهور بيئات تعليمية غير تقليدية دخلت وبقوتها الاقتحامية على مختلف نظم التعليم مما استدعى المؤسسات التعليمية وفي كافة المراحل إعادة النظر في بنية التعليم ومناهجه وأهدافه، وفى مقدمتها مؤسسات التعليم العالي التي بادرت إلى إعادة النظر بجدية في وظائف المؤسسات التعليمية وأهدافها ووسائلها بغية الوصول إلى مخرجات تنسجم ومتطلبات سوق العمل والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المنشود.

وتعد الجودة الشاملة Total Quality من المفاهيم الحديثة التي ظهرت نتيجة للمنافسة العالمية الشديدة بين المؤسسات الإنتاجية اليابانية من جهة، والأمريكية والأوروبية من جهة أخرى، وذلك علي يد العالم ديمنج ، والذي لقب بأبي الجودة الشاملة، ونظرا للنجاح الذي حققه هذا المفهوم في التنظيمات الاقتصادية الصناعية والتجارية والتكنولوجية في الدول المتقدمة فقد سارعت المؤسسات التعليمية وعلى رأسها مؤسسات التعليم الجامعي في تطبيق منهج الجودة الشاملة في مجال التعليم العام للحصول علي عائدا تعليما أكثر فاعلية وجودة فى الأداء.


مفهوم الجودة الشاملة في التعليم:

إذا كانت قضية ضبط الجودة مهمة في المؤسسات الاقتصادية فإنها تعد أكثر أهمية في المؤسسات التربوية والنظم التعليمية بسبب ارتفاع تكلفة التعليم في ضوء معدلات التضخم العالمية، وسوء نوعية بعض المخرجات التعليمية، وضعف ارتباطها بسوق العمل، مما يؤثر سلبياً على معدلات التنمية وقدرة المجتمع على تحقيق طموحاته وأهدافه. وضبط جودة التعليم وسيلة للتأكد من أن العملية التعليمية والإدارة التربوية وتدريب المعلمين والإداريين، والتطوير التربوي في المؤسسات التعليمية تتم جميعاً وفق الخطط المعتمدة والمواصفات القياسية،

فهى تعني الإسهام الفعال للنظام الإداري والتنظيمي بكافة عناصره في تحقيق الكفاءة الاستثمارية للموارد المتاحة من مادة أولية ومعدات وقوى بشرية ومعلوماتية وإدارة وإستراتيجية ومعايير ومواصفات. كما تعتبر أسلوب متكامل يطبق في جميع فروع ومستويات المنطقة التعليمية ليوفر للعاملين الفرصة لإشباع حاجات المستفيدين من عملية التعليم، لتحقيق أفضل خدمات تعليمية وبأقل كلفة وأعلي جودة. وجودة التعليم تعنى التحسين المستمر فى أداء المؤسسات التعليمية لتقديم أفضل خدمة بتكاليف اقتصادية وباستخدام أفضل للموارد، كما يمكن القول أن إدارة الجودة الشاملة فى منظومة الأداء الجامعي هى المدخل الحقيقي للإصلاح التعليمي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والبيئي).

خصائص الجودة الشاملة في التعليم:

تركز على الأداء بصورة صحيحة من خلال تنمية القدرات الفكرية ذات المستوى الأعلى، وتنمية التفكير الابتكاري والتفكير الناقد لدى الطلاب. وتعني التوافق مع الغرض الذي تسعى إلى تحقيقه المؤسسة التعليمية وتشير إلى عملية تحويلية ترتقي بقدرات الطالب الفكرية إلى مرتبة أعلى، وتنظر إلى المعلم على أنه مسهل للعملية التعليمية، وإلى الطالب على أنه مشارك فعال في التعليم وتعتبر التربية والتعليم عملية مستمرة مدى الحياة وتسعى إلى التحسين المستمر لمخرجات العملية التعليمية.وتهدف إلى الاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية المتاحة علاوة على ذلك تقديم الخدمات بما يشبع حاجات المستفيد الداخلي والخارجي توفير أدوات ومعايير لقياس الأداء وتخفيض التكلفة مع تحقيق الأهداف التربوية في الطلب الاجتماعي.


مجالات تطبيق الجودة بالجامعات:

أصبح تقويم التعليم العالي (Assessment Of University Education) على المستوي العالمي جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية، كما أصبح شرطاً أساسياً تشترطه جميع هيئات الاعتماد الأكاديمي العالمية.وقد تتعدد مجالات الجودة الشاملة بالمؤسسات التعليمية لتشمل جميع مدخلات النظام التعليمي وعملياته ومخرجاته، أن المحاور الرئيسية التي يتطرق إليها ضبط الجودة الشاملة في التعليم تتضمن جودة الإدارة التعليمية، والبرامج التعليمية، واللوائح والتشريعات، والمباني المدرسية وتجهيزاتها، والمستوى التحصيلي للطلاب، وجودة طرق التدريس، والكتب المدرسية، وكفاية الموارد المالية، وكفاءة الهيئة التعليمية والإدارية، وجودة تقييم الأداء . ولأحداث نقلة نوعية فى الجامعات العراقية يجب أن نحدد مجالات الأداء التى تقوم بها الجامعات فى المجتمعات المتقدمة كنقطة بداية على الطريق الصحيح،

يجب أن يكون لجامعة الحاضر والمستقبل مجالات محددة ومعلنة تحقق تطلعات وطموحات خريجيها والمجتمع والهيئات والمؤسسات التى تستقبل هؤلاء الخريجين بنظرة فاحصة لمجالات الأداء الجامعى نجد أن الجامعات تعمل كمؤسسات ( تربوية- تعليمية – بحثية- مجتمعية- بيئية- ثقافية)، ولا يمكن تناول أى جانب من جوانب الأداء السابقة مستقلاً عن الجوانب الأخرى.فلا يمكن أن ننظر للجامعات على أنها مؤسسات تعليمية فقط لأن دورها يختلف تماماً عن دور المدارس فالتركيز على الجامعات كمؤسسات تعليمية أكثر من الأدوار الأخرى أدى إلى تدنى مستوى الأداء فى كافة الجوانب وغياب دور الجامعة الحقيقي أمام المجتمع، فهي منظومة تهتم بالرقى بالمتعلم وعضو هيئة التدريس والإدارة الناجحة، مع تطوير أساليب ووسائل التعليم الجامعى ومحاولة للتغلب على بعض معوقات الأداء المرتبطة بانتقال وسفر المتعلمين